بني ملال، بلاد الماء، ومحنة العطش






 تعيش بعض جهات المملكة المغربية ومنها جهتنا بني ملال خنيفرة، منذ سنوات ندرة حادة في تساقطات مياه الأمطار الشيء الذي أتر سلبا على الفرشة المائية و شكل ضغطا لا يحتمل على حقينة السدود، مما كان يستدعي الإقبال العاجل على حكامة مائية تمكن من تدبير الماء بشكل مستدام وناجع للصمود والإستعداد للمستقبل في مواجهة آثار التغيرات المناخية المتسارعة والتحديات الكبرى التي تواجهها الجهة لإعداد الحلول البديلة في هذا المجال ومواجهة الإجهاد المائي. 

وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن تنطلق دراسات لرصد حصيلة تدبير المياه عامة من أجل ابتكار مجموعة من الحلول لمواجهة الأزمة، من بينها تدوير المياه و تخصيصها بشكل عقلاني وإرساء أسس الأمن المائي، وتعميم استخدام محطات معالجة المياه العادمة و المحافظة على الثروات الطبيعية وأيضا تشجيع تقنيات المعالجة الطبيعية للمياه بالمراكز القروية و تجميع مياه الأمطار و إعادة تدوير المياه المنزلية، بالإضافة إلى تشجيع الوحدات الصانعية والمبادرات الفردية والجماعية على الإستثمار في التقنيات المائية الحديثة واعتماد ممارسات مستدامة لتدوير المياه، وإشراك المجتمع المدني بشكل أكبر في صناعة القرار من أجل تحقيق تدبير مستدام وفعال وشامل للمياه يضمن حق الجميع في الوصول إلى مياه نظيفة وكافية، ويتصف بالشفافية والمراقبة المستمرة للمبادرات والبرامج المائية، نسجل بكل أسف.

في ظل ظروف انقطاع الماء الحالية، لمدة يومين لحد كتابة هذه السطور، التنصل الواضح للمؤسسة المدبرة للقطاع من مسؤوليتها من خلال بلاغها البئيس الذي اقتصر على الإخبار عن انقطاع التزويد بالماء دون ان يكلف نفسه تحديد سقف للإنتظار تاركا أبواب الأزمة مشرعة على المجهول وكأن لا مسؤولية لها فيما نحن فيه، كما نسجل الغياب التام للمجلس الجماعي الذي لم يكلف نفسه الإقبال على أي مبادرة مهما كانت. فلم نرى شاحنات صهريجية توزع ماء ولا ظهورا إعلاميا لمسؤول يشرح للساكنة حقيقة الوضع أو يؤطر مبادرات ويبتكر حلولا ، بل وجريا على عادته انتهج سياسة الآذان الصماء كما دأب على ذلك حينما أكدنا على ضرورة واستعجال إيجاد حل لمشكل تجميع مياه الأمطار والسيول الذي عمر طويلا، بسبب تهرب المجالس المتعاقبة من اتخاد قرار ناجع بشأنه. وها نحن نعيد اليوم، كما سبق لنا أن نبهنا لذلك في عدة مناسبات : قد آن الأوان، لتظافر الجهود من أجل وضع حد لإهدار هذه الثروة المائية الهائلة في مجاري الواد الحار ، وعزل مياه الأمطار عن المياه العادمة وتجميع أكبر نسبة ممكنة في الأحواض والبحيرات والسدود التلية عوض الإقتصار على تجميع مياه الأودية لوحدها. ووضع مصلحة سكان الجهة أولا فوق كل اعتبار بخصوص اشكال الماء، لأنه لا يعقل، أن نفرغ الجهة التي لا تطل لا على بحر ولا على محيط، من مخزونها من المياه ولا يروى عطش بهيمها وأرضاها وناسها ليروى عطش وجشع جهات أخرى.


توفيق زبدة مستشار الحزب الإشتراكي الموحد بجماعة بني ملال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق