في
مشاركته الأولمبية الثامنة في منافسات كرة القدم (رجال)، يحط المنتخب الأولمبي
الرحال بباريس، بفريق يزاوج بين الموهبة والخبرة، ويراهن على تأكيد توهج كرة القدم
المغربية بعد الإنجاز التاريخي الذي حققه أسود الأطلس في مونديال قطر 2022،
بحصولهم على المركز الرابع.
وعلى
الرغم من عثرة كأس الأمم الإفريقية بالكوت ديفوار، فإن تأثير كأس العالم في قطر ما
زال صداه يتردد في القلوب، ويشكل مصدر إلهام لأشبال الأطلس، أبطال إفريقيا
الحاليين، الذين أصبحوا يدركون اليوم أنه لم يعد هناك شيء مستحيل في عالم كرة
القدم.
ومع
أن مدرب المنتخب الوطني الأولمبي، طارق السكتيوي، يظل متحفظا عند الحديث عن أهدافه
- وهو أمر طبيعي في الرياضة عموما- إلا أنه يتوفر على كل المقومات الضرورية لتحقيق
نتيجة إيجابية في دورة الألعاب الأولمبية بباريس.
وفي
هذا السياق، قال السكتيوي، بمناسبة تقديم لائحة اللاعبين المدعوين للمشاركة في
الألعاب الأولمبية، بداية الشهر الجاري بسلا، إن "هدفنا الرئيسي هو التوقيع
على مشاركة جيدة واجتياز الدور الأول"، مضيفا أن "هذا الهدف هو بمثابة
حلم بالنسبة لجميع مكونات المنتخب الوطني وسنعمل كل ما هو ضروري لتحقيقه".
وشدد
الناخب الوطني على أن "المنتخب الأولمبي يستحق تواجده في أولمبياد باريس
وهدفنا هو تقديم أداء أفضل من المشاركات السابقة".
ومن
بين مشاركاته السبع في الألعاب الأولمبية، وحدها نسخة 1972 عرفت تأهل المنتخب
المغربي للدور الثاني، خلافا لنسخ 1964، 1984، 1992، 2000، 2004 و2012.
ولتحقيق
أهدافه، استعان الناخب الوطني بخدمات ثلاثة لاعبين من فئة أكثر من 23 سنة ، ويتعلق
الأمر بكل من منير الكجوي، أشرف حكيمي وسفيان الرحيمي. كما يمكنه الاعتماد على
لاعبين تقل أعمارهم عن 23 سنة، أثبتوا أنفسهم مع المنتخب الأول واكتسبوا ما يكفي
من التجربة والثقة.
ومن
بين 22 لاعبا تم اختيارهم للمشاركة في الأولمبياد، يتواجد 5 منهم كانوا ضمن
المجموعة التي فازت بكأس إفريقيا أقل من 23 سنة، وحازت بطاقة التأهل، كما تم
استدعاؤهم خلال السنة الجارية للمشاركة في العديد من المباريات الرسمية، إما في
إطار كأس الأمم الإفريقية 2023 أو في التصفيات الافريقية المؤهلة لكأس العالم 2026.
ويتعلق
الأمر بكل من أسامة العزوزي، وأمير ريتشاردسون، وبلال الخنوس، وعبد الصمد
الزلزولي، الذين شاركوا في كأس الأمم الإفريقية ومباريات التصفيات، إضافة لأسامة
ترغالين الذي تم استدعاؤه لمباراتي زامبيا والكونغو برازافيل.
وعلى
الصعيد الذهني، الذي يعد أساسيا في هذا المستوى من المنافسة، يصل أشبال الأطلس
لباريس بعقلية الفائزين، مزهوين بتأهلهم
السهل إلى الألعاب الأولمبية، بعد أن وصلوا إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية لكرة
القدم لأقل من 23 سنة، وتمكنوا من الظفر به على أرضهم بأفضل طريقة.
وتحسبا
لهذا الموعد الأولمبي، كثف أشبال الأطلس من المباريات الإعدادية، من أجل تقوية
انسجامهم وسد الثغرات الموجودة.
وفي
هذا الإطار، فاز المنتخب الوطني الأولمبي لكرة القدم، في آخر مواجهة ودية، على
فريق فيلفرانش بوجولي الفرنسي (ينتمي للدوري الوطني بفرنسا)، بهدفين مقابل واحد
وتغلب
الأشبال قبل ذلك على منتخب ويلز، في 26 مارس بأنطاليا التركية، بنتيجة (2-0)، كما
تعادلوا في 2 يونيو في الرباط مع منتخب بلجيكا بنتيجة (2-2)، وخسروا أمام أوكرانيا
(0-1)، في 22 مارس في أنطاليا.
ووضعت
قرعة نهائيات دورة الألعاب الأولمبية المنتخب الوطني الأولمبي في المجموعة الثانية
إلى جانب منتخبات الأرجنتين وأوكرانيا والعراق. وسيواجه في المباراة الأولى نظيره
الأرجنتيني في 24 يوليوز الجاري، على أرضية ملعب جيفروي غيتشارد في سانت إتيان.
ومن
المؤكد أن بعض خصوم "أشبال الأطلس" تسبقهم سمعتهم، المستمدة من أداء
منتخبات بلادهم الأولى، وأن منتخبات أخرى تبدو أنها أقل حظا للسبب ذاته، غير أنه
في هذه الفئة العمرية، التي عادة ما تشكل مشتلا للفرق الأولى، فإن موازين القوى في
بعض الأحيان تستعصي على التحليل الكلاسيكي.
وبناء
عليه، فإن احترام جميع المنتخبات مسألة ضرورية، مع التعامل مع المباريات بطريقة
مثلى. وهي الرؤية ذاتها التي يتبناها السكتيوي خلال هذه الألعاب الأولمبية. وقد
عبر عنها الناخب الوطني بوضوح خلال الندوة
الصحفية المخصصة لتقديم لائحته بالقول إنه "في هذه المرحلة من المنافسة، جميع
المجموعات متقاربة المستوى. يجب أن نعرف كيف نحقق الفوز لأنه لا يتأتى بسهولة في
هذا النوع من المنافسات العالمية".
وإلى
جانب التحدي المباشر المتمثل في "تحقيق مشاركة جيدة وعبور الدور الأول"،
كما صرح بذلك المدرب طارق السكتيوي، فإن مشاركة أشبال الأطلس في أولمبياد باريس
2024 ستحدد في جزء منها ملامح المنتخب الوطني الذي سيدافع مستقبلا عن الإرث الثمين
للوصول التاريخي للمركز الرابع في مونديال قطر.
ونحن
في منتصف الطريق بين نهائيات كأس العالم 2022، التي اكسبت كرة القدم المغربية شهرة
عالمية، وبين كأس إفريقيا للأمم 2025 الذي يشكل فرصة سانحة للفوز باللقب القاري
الثاني الذي استعصى على كرة القدم الوطنية منذ عقود، فإن هذه الألعاب الأولمبية
(26 يوليوز- 11 غشت) ستسهم لا محالة في رسم ملامح جيل قادم سيحاول الاستجابة لآمال
جمهور مغربي متعطش لرؤية العمل المبذول للنهوض بكرة القدم الوطنية يعطي أكله من
خلال الظفر بالألقاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق