بقلم مريم العزري :
من مدينة بني ملال كانت انطلاقتنا و الى دوار افتيس جماعة انرگي كانت وجهتنا ، الساعة تشير الى العاشرة مساءا من اليوم العاشر من شهر مارس لهذه السنة ، من منزل صغير يضم امتعتنا و مستلزمات رحلتنا ، تحت ضوء مصباح أنار قلوبنا قبل إنارة ما حولنا ، انطلقت رحلتنا بشعار " خير الناس أنفعهم للناس " و في داخلنا صدى يقول " سوف نحقق المستحيل ، سوف نحقق المستحيل "
واصلنا بتحد رحلتنا فلا زمهرير يوقفنا ولا خطورة الطريق ترهبنا، مضينا قُدما نشاكس المنعرجات الإلتوائية منعطفين ومُرْتقين ذروتها، طوينا المسافات طي الصحائف ، عيون لا تنام و أهداف و مخططات تكتب على جفوننا . وأخيرا بعد ثلاث ساعات ونصف و في جوف الليل و ظلمته توقفت العجلات عن الدوران ، أدرك الكل حينها أننا في عمق جبال أفتيس ، استقبال أسطوري كان عنوان لقائنا ، تحت ضوء القمر افرغنا حافلاتنا وها هو أتى الصباح مع عيون لم ترى النوم قط و افترشت الشمس قلب السماء وأدلت بجدائلها الذهبية خيوط أمل تثنت على زجاج نوافذنا ، توزع الأعضاء في ورشات على غرار الصباغة و التزيين التي سهرت لجعل القسمين و السكنية بألوانها بابا لعالم آخر يشق فيه أطفال الدوار رحلتهم نحو تحقيق أحلامهم فالقوام رسومات و ألوان ، تغليف للطاولات ، إصلاح للنوافذ و المكاتب ، تزويد للأقسام بمكتبات ، ملصقات و فراشات حلقت في أرجاء و أدخلت البهجة و السرور على قلوب أطفال المغرب المنسي الذين عبروا عن فرحتهم بقولهم " شكرا لكم لأنكم اصلحتوا لنا أقسامنا و أخيرا لن تسقط قطرات المطر و الثلج على رؤوسنا و سيكون قسمنا هو دفؤنا و منبع لأحلامنا و ليس كومة حجر تحطمنا و تذكرنا بقساوة ايامنا " .
أما ورشة التشجير و اصلاح الساحة التي عرفت تشجير الساحة و تزيينها بشجيرات و صبائغ بهية ، إضافة الى اصلاحات على مستوى الجانب الترفيهي من خلال إحداث لعبتي الأرجوحة و التوازن و إنشاء ملعب بمحيط المدرسة .
كما تم توزيع و لله الحمد ما يقارب 206 علبة ملابس بمعدل ثلاث علب لكل أسرة لعلها تضفي دفءا غاب عنهم منذ زمان ، و ان نسينا فلن ننسى صرخة الطفل بفرحته الذي لم يتجاوز عمره 5 سنوات قائلا " امي ، امي انه حذاء لأجلي ".
فالصدى الذي كان بداخلنا " سوف نحقق المستحيل " حطم جميع العراقيل ، فالمسجد ايضا كان له حظ وفير من التحسينات حتى اضحى جديد الأفرشة ، كثير المصاحف و الكتب ، منظم الرفوف و المكتبات و جعلنا الآذان يرتفع حتى يصل الى كل الأرجاء .
بالاضافة الى قفة رمضان التي كانت بشعار " شوية من خيرك... عمر قفة غيرك " حيث وزع مايقارب 80 قفة غذائية تضم جميع الأساسيات لتخفيف من جوعهم و لو لأيام .
كما نظم النادي أنشطة ترفيهية لإدخال الفرحة والبهجة على قلوب هؤلاء الأطفال ، وشملت هذه الأنشطة الأناشيد والألعاب والبهلوان، بالإضافة إلى مسابقات وفقرات ثقافية وأداء غنائي، مع توزيع جوائز تحفيزية .
و من أجل ابتسامة الطفل الصغير حققنا المستحيل ، من أجل تحسيسه انه طفل كأقرانه تم توزيع اكثر من 120 حقيبة مدرسية تضم جميع مستلزماتها ، دموع ممزوجة بفرحة تعلوا محياهم هتفات هنا و هناك " امي ، ابي انها حقيبة ... لقد استبدلنا قطعة البلاستيك بحقيبة ... يا الاهي انه حلم من احلامي "
واقع مؤلم محزن ، فهي ابتسامة حزينة يغطيها أحلام بريئة ترنو لمستقبل مشرق وآمن ، فمن هنا نبرق بالتحية لكل طفل منسي وكل طفلة منسية في اعالي المغرب المنسي ، ففي يومكم نحن نقف معكم ندعمكم بالكلمة ، بالفعالية و بالتضحية .
فعندما يصرخ القلم يكتب من دموع أطفال المغرب المنسي ، أطفال ليس كباقي الأطفال عذراً فماذا يساوي الحبر بجانب دموعكم ، وماذا يساوي تدبيج المقالات وتنميق الكلمات وتزين السطور والصفحات والتعبير عن الخواطر أمام معاناتكم و لكن نحن هنا من اجلكم .
يومان كانا كفيلين لإدراكنا ان عندما نعيش لذواتنا ، تبدو الحياة قصيرة ضئيلة تبدأ من حيث نعي وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ، اما عندما نعيش لغيرنا ، أي عندما نعيش لفكرة رسم الابتسامة على محيا كل من يلقانا ، فإن الحياة تبدو طويلة و عميقة ، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض ، إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي فى هذه الحالة.
شكرا دوار افتيس على حفاوة الاستقبال شكرا لكل من ساهم في هذا الانجاز ، نتمنى ان نكون قد أدينا الأمانة و وصلنا الرسالة فحقا مايسعدنا أن نكون سببا في ظهور ابتسامة على وجوه الأطفال، أن نتلقى دعوات نابعة من قلوب الكبار ، هي حقا أكثر ما يبعث في روعنا مهجة الجد والعمل، وكأنها ترياق الحزن و الشجن .
مهندس البسمة عطاء ووفاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق