امتلأ جامع الحي، كما مساجد باقي الأحياء، لقد ضاقت أركان طابقه الأرضي، حتى أفاض على الحوش ما أفاض، فسالت سخائم السجود وكأنها السيل الدافق تملأ رصيف الأزقة وينضح بهمس ذكرها مرصوص الشوارع، بينما صعد آخرون ليكملوا نصاب الأفواج وليملأوا الطابق الثاني من المسجد تسمع لأنفاسهم آهات وتباريح يقذفها الوجدان وترد صداها الجدران، إنك وأنت في صف يشد بعضه بعضا لتحس بدفء وحرارة الإيمان، تقشعر جلود الجميع ثم تلين والأفمام تصدع بالرد على متلو فاتحة الكتاب بقولها آمين.
يا لحسرة شياطين الجن وأبالسة بني علمان وقد خسرت شراكتهم الرهان تحت سطوة وغلبة شهر الصيام الذي أنزل فيه القرآن، فعاد الوصل ليتصل بعد أن انهزم الصد وتقهقر المد، وأردف جهد الإنفاق موعود الحسرة والمغلوبية، وقد آب وأناب العباد لينعقد الصلح تحت بشرى أن الله يفرح بتوبة عبده، فلا يصلح والحال هكذا ولا يليق بمؤمن أن ينبز معشر العائدين ب “عباد الحريرة” أو “عباد رمضان”، فإنه رمي ينم عن انخرام الإيمان في جوف النابزين إذ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مثل ما يحب لنفسه.
فليحذر المرء أن يكون عونا للشيطان على أخيه، وقد أمرنا متى ما رأينا الناس يدخلون في دين الله أفواجا، أن نسبح بحمد الله ونستغفره، لا أن نتسخط ويضيق الصدر وتنقبض النفس والمقام مقام فرح واستبشار قد هل هلال زمانه آذنا بأصناف من الخيرات ومؤشرا على أضراب من البركات، فاللهم ثبتنا وثبت إخوتنا وأدمها علينا وعليهم نعمة واحفظها من الزوال آمين إف كَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق