كريم بطاش باحث في سلك الدكتوراه.
لم تخسر الولايات المتحدة الحرب و لا يمكنها ذلك و طالبان لم تنتصر بفضل التشبث بالعقيدة، ما يحدث حاليا بأفغانستان هو إحدى مخرجات مفاوضات الدوحة و الذي يقضي بتسليم الحكم إلى حركة طالبان بكل يسر مقابل تطبيق استراتيجية الأمريكية جديدة/قديمة بالمنطقة، كيف ذلك؟
بإلقائنا نظر على التنافس الجيوسياسي في الشرق الأوسط يتضح بشكل جلي فشل التحالف العربي بقيادة السعودية و الامارات بالسيطرة على اليمن و القضاء على الحوثي المدعم من قبل إيران و تزايد نفوذ هذه الأخيرة بالمنطقة و امتداده ليشمل العراق و سوريا و اليمن مع إمكانية تطويرها لسلاح نووي، و كما يظهر أن إسرائيل لن تستطيع حسم المعركة مع حزب الله، كل هذه المعطيات تظهر توسع الأخطبوط الإيراني في المنطقة مقابل ضعف أعداءها و عليه وجب البحث أو صناعة قوة جديدة تعرقل المشروع الإيراني، هذه القوة الجديدة ستكون طالبان الجديدة.
لقد دأبت الولايات المتحدة منذ سنة 2016 على تفكيك أعمدة الجيش الأفغاني و تهميشه كما أنها كانت تغض الطرف عن الفساد المستشري داخل هياكله في مقابل اعتماد حركة طالبان على هذه الورقة كخطاب إعلامي مؤثر يركز بشكل أساسي على فساد الحكومة الأفغانية و إداراتها أكثر من العامل الديني بحيث أن الحركة ركزت بشكل أساسي على إصلاح أحوال الفلاحين في خطاباتها أكثر من تطبيق الشريعة، كما تبنت الحركة قدراً كبيراً من البرغماتية السياسية، وإفساح مجال أكبر في هيكلها التنظيمي للعرقيات الأفغانية المختلفة، مثل الأوزبك والتركمان و الطاجيك ، وعدم الاقتصار على عرقية البشتون التي تشكل العمود الفقري للحركة، والتي تشكل نحو 62% من سكان أفغانستان، دون أن ننسى الدعم الكبير الذي حظيت بيه من قبل حكومة باكستان التي كانت أراضيها بمثابة قواعد خلفية للحركة، كل هذا بموافقة وكالة المخابرات الأمريكية سي أي أيه.
ستحصل طالبان في الشهور المقبلة على اعتراف دولي كما ستحصل على دعم سياسي و عسكري و اقتصادي و الغرض واضح خلق قوة إسلامية سنية تصادم إيديولوجيا و سياسيا وحتى عسكريا المشروع الإيراني ، ثم الوقوف كسد أما تمدد النفوذ الصيني في وسط آسيا.
يقول المثال أن الطبيعة تأبى الفراغ، لذلك فأمريكا لم تهزم بل غيرت استراتيجيتها فقط كما تفعل دائما و طالبان اليوم ليست هي نفسها قبل 20 سنة ، لازالت تحتفظ على الشكل فقط لذلك لا داعي للخوف أو التهليل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق